مشروعات التخرج.. جنين يبحث عن أب
!!
]
- الطلاب: لا نجد مَن يموِّل مشروعاتنا وإمكانات الكليات ضعيفة
- المشرفون يكتفون بهذه النصيحة: الحقوا سجَّلوها في براءات الاختراع!!
- د. محمد مرسي: المشروع فرصة للتدريب والتأهيل والكليات مظلومة
كليات الهندسة من أهم معامل تفريخ المشروعات الناجحة، وقد تكون هذه الكليات في بعض الدول مطبخ المشروعات، إلا أنها في العالم العربي تحوَّلت من كليات لصناعة المشروعات إلى كليات تكتفي بأقل القليل.
ومن خلال رحلة في مكتبات هذه الكليات تستطيع أن تستخرج المئات بل الآلاف من مشروعات التخرج التي من الممكن أن تكون نواةً لمشروع أو اختراعٍ كبير، إلا أن غياب التمويل الجيد وعدم وجود رؤية واضحة لاستثمار هذه المشروعات التي يبذل فيها الطلاب كل جهدهم والبعض يرى أن هذا المشروع هو حلمه الذي يسعى لتحققه إلا أنه يرتطم بالحقيقة على أرض الواقع.
:
في البداية تقول إيمان فرج (قسم كيمياء): كان مشروع التخرج الذي قمنا به في الكلية عبارةً عن إعادة تصنيع للبلاستيك المستخدم أو المستعمل (نوع من أنواع إعادة التدوير) مع إضافة مواد أخرى وتحويلها لصبة خرسانة تصلح لاستخدامات مختلفة، وبذلنا جهدًا كبيرًا في هذا المشروع، وأنفقنا عليه مبلغًا كبيرًا، وبعد إعادة المحاولات بنسب إضافات مختلفة حصلنا على نتيجة جيدة، وأخضعناها لعدة اختبارات ناجحة، وكانت خلطةً اقتصاديةً من وجوه كثيرة، حتى إن الدكتور المشرف على المشروع نصحنا أن نسجِّل بها براءة اختراع، إلا أننا لم نسجلها لأننا انشغلنا بعد ذلك في الامتحانات، ثم التخرج والبحث عن عمل، وطبعًا لا أظن أن مشروعنا اهتم به أحد بعد تخرجنا وأعتقد أنه مركون على الرف منذ عشر سنوات.
وتعترف إيمان بتقصيرها وزملائها في الدفاع عن حق مشروعهم في التقدم وربما التحول إلى واقع، ولكنها تقول: إننا لم نجد توجيهًا من إدارة الكلية، وكانت أعمارنا صغيرةً ولم نعرف ماذا ينبغي علينا أن نفعلَ، كما أن الجهد الذي بذلناه في المشروع- سواءٌ البحث عن الخامات أو تأجير أدوات وخلافه- جعلنا غير راغبين في بذل الجهد في أي اتجاه آخر، ويكفينا تقدير جيد جدًّا الذي حصلنا عليه.
جهاز للموجات
أما جمال عبد الناصر (هندسة كهرباء قسم اتصالات) فقد حصل على نفس النصيحة التي حصلت عليها إيمان في مشروع تخرجها وهي: "حاولوا تسجلوا براءة اختراع" ثم.. ماذا؟!
يقول جمال: أغلب المشروعات في الكلية تقليدية جدًّا، فالمشروع الذي يقوم به الطلاب هذه السنة تم تنفيذه العام الماضي، وسيُعاد تنفيذه السنة القادمة، ولكن أنا وبعض الزملاء قررنا أن نقوم بعمل شيء مختلف، فاخترنا فكرة جهاز يحدد نوع الموجات ويعرضها على شاشة ضوئية ويتعرف على شكل هذه الموجة، وقررنا أن نصنع هذا الجهاز بأيدينا وبالإمكانات المتاحة لنا.
وعند عرض الفكرة على الدكتور المشرف على المشروع رفض بشدة، وأخبرنا أن المسألة مكلِّفة والكلية لن تدعمنا، فقلنا إننا سنتحمَّل كل النفقات، إلا أن المشرف أصرَّ على رفضه، فكان رده: إذا كنتم مصرِّين فتحملوا مسئولية المشروع وحدكم، وأنا لا علاقة لي به، واتضح بعد ذلك أن المشكلة والرفض سببهما أن المشروع كان بلغة بدأت منذ عام 1998م، بينما وجدت معلومات المشرف تقف عند الستينيات. بعد المداولات رشح لنا المشرف مشرفًا آخر من خارج الجامعة ليتعاون معنا ويساعدنا بصورة ودية في المادة العلمية، ويعمل بهذا الجهاز على خطوط الإنتاج الكبيرة وثمنه بالخارج لا يقل عن 50 ألف جنيه، بينما تكلَّفت النسخة التي صنعناها 6 آلاف جنيه، وكانت قابلةً للتطوير وخفض التكلفة لو صنعت بصورة كبيرة ولكن كيف لنا أن نحولها لحقيقة؟!
لم نعرف أين نذهب؟ ونعرضها على من؟ حتى الأساتذة في الكلية لم يستطيعوا مساعدتنا رغم تحمسهم للجهاز، وأقصى ما نصحونا به أن قالوا: اعرضوه على الإنترنت ربما يستجيب لكم أحد!! ويعود جمال ليؤكد بحزن بأن مادة المشروع لا تزال لدينا، ونرجو أن نحولها إلى حقيقة!!
لا ابتكار..
أما فاطمة غنيم (قسم مدني) فلهجتها يملأها الشعور بالإحباط، قالت: كلنا نعلم أن مشروعاتنا لا مستقبل لها، فهي مشروعات للنجاح والتخرج فقط، ولا مجال أن نفكر أنها قابلة للتحقيق أو من الممكن أن يستفيد منها الناس، فلا يوجد بالقسم على وجه التحديد ما يسمَّى بالابتكار، في سنة التخرج كان لنا زميلان والد أحدهما صاحب مكتب هندسة والآخر صاحب شركة إنشاءات، طبعًا المشروع الذي قدماه كان واضحًا جدًّا أنهما لم ينفذاه بأيديهما، والمشرف على الرسالة كان يَعرف جيدًا أن هذا ليس جهدَهما، وطبعًا كان المشروع محترفًا، بالنسبة لمشاريعنا كطلبة وبالتأكيد حصلنا على أعلى تقدير، وهذا أمرٌ محبط للغاية، لقد بذلنا جهدًا كبيرًا وأنفقنا مبالغَ كبيرةً وفي النهاية تفوقوا هم بالغش!!
مساعدات شخصية
ويشارك في نغمة الإحباط يوسف بدر (هندسة اتصالات) فيقول: لا نجد في الكلية مَن يشجِّعنا أو يرشدنا في أغلب الأحوال؛ حتى يصبح مشروع التخرج الذي نبذل فيه جهدًا ومالاً كبيرًا مشروعًا قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع، رغم أن كثيرًا من مشروعات التخرج تستحق أن تُعامَل على أنها اختراع أو بحثٌ ذو قيمة إلا أنني لم أسمع أن أحدًا تبنى أحد المشروعات أو تبنى الطلاب المتميزين في هذا المشروع، وكنا نتمنى أن تقوم الكلية قبل اختيار المشروع بتخصيص محاضرات لخبراء في التسويق والاقتصاد؛ بحيث يشرحون لنا المطلوب في السوق الفترة القادمة، والجدوى الاقتصادية من المشروعات التي نحن مقبلون على تنفيذها، فنضع في اعتبارنا عند اختيار المشروع البعد الاقتصادي واحتياطات السوق، ولكن مع الأسف هذا لا يحدث.. لقد شاهدت زملاء لي صنعوا في مشاريعهم أفكارًا ممتازة، مثل معالج كمبيوتر (بروسيسور) محلِّي الصنع أو بطاقات التعريف الذكية (سمارت كارد) أو أجهزة أمن وغيرها.
وبعض الطلبة كان يتمنَّى أن يجد مصنعًا يتبنَّى اختراعه، ولكن لم نجد مَن يرشدنا إلى من نذهب، وهناك من ذهب لشركة على أمل أن يبيع فكرته فوجد الشركة راغبةً في شراء الفكرة ولكن بأقل مما كلفته بالفعل وينسبونها لأنفسهم وغير راغبين في تعيين هذا المهندس لديهم، هذا بالإضافة للمعوقات العملية، فبعض الطلبة كانوا يعملون على تحديث ماكينة معينة، وحاولوا الحصول على إذْن أحد المصانع العاملة في المجال حتى يأذنوا لهم أن يشاهدوا الماكينات الموجودة لديهم ليدرسوا عليها ويُنهوا مشروعهم، إلا أن المصانع كلها رفضت استقبالهم، إما لأنهم اعتبروا هذا مضيعةً للوقت، وإما خوفًا على أجهزتهم وإما لأسباب أخرى لا نعلمها.
وينهي يوسف كلامه بالتأكيد أن مشروع التخرج أهم ما فيه الحصول على التقدير والتخرج!!
التطبيق صعب
على الجانب الآخر يرى د. محمد مرسي- الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الزقازيق - أن الدراسة في الهندسة تنقسم إلى ثلاث مراحل:
الأولى: لمدة عام ونصف العام، وهو مخصص لدراسة المقررات العلمية الأساسية.
الثانية: لمدة عام ونصف العام للمقررات الهندسية الأساسية.
الثالثة: لمدة عامين لدراسة للمقررات الهندسة التطبيقية.
ويرى أن المشروع حقل تدريبي وتعليمي ومعرفة كيفية التعامل مع مشكلة موجودة، بحيث يصبح المهندس قادرًا على حل المشكلات، فالمشروع هو مادة تعليمية وقابليتها للتطبيق تُعتبر صعبةً، وحتى يتحول المشروع إلى واقع يرى د. مرسي أنه لا بد أن يتخذ الباحث عدة خطوات وكلها مكلِّفة منذ بدء الفكرة العلمية ثم وضع التصور، وبعد ذلك تجارب معملية تعطي نتائج مبدئية.. هل الفكرة صالحة في الصناعة أم لا؟ ثم تجارب صناعية تشير إلى إن كان لها قيمة في المجتمع أم لا؟! ثم عينات تجريبية فإذا نجحت أستطيع أن أعمل على مستوى أكبر، وهذه الخطوات لا تستطيع الكليات القيام بها، بينما يختلف الوضع مع نقابة المهندسين؛ حيث توجد بها شعبةٌ للتطوير، وشعبة مهندسي المستقبل، وهي شعب تسعى للتقريب بين الكليات كجهات تعليمية وجهات التنفيذ، أو لتبني المواهب والمتميزين.
الجامعة والحياة
أما د. أحمد صفوت- رئيس قسم هندسة كهربية بجامعة الأزهر- فيرى أن كل أستاذ يتبنَّى مشروعًا وله وجهة نظر، فبعض الأساتذة أكاديميون ويسعَون من خلال المشروعات لتطوير الطلاب من الناحية البحثية وتدريبهم، والبعض الآخر اهتماماته عملية أكثر، فيحاول أن يربط بين الجامعة والمصانع والمؤسسات الإنتاجية.
ويقول د. صفوت: إن الربط بين الجامعة والحياة العملية لا يحدث بسبب التمويل والنواحي المادية، ومن المفترض أن يكون لكل جامعة ورشةُ عمل أو مركزُ بحثي، كما أن خط السير في الخارج يختلف، فالمشروع يبدأ من المصنع؛ حيث تطلب المصانع من الجامعات أن تقوم بعمل أبحاث لصالح هذا المصنع، على أن يقوم المصنع بتمويل هذه الأبحاث، وتستعين الجامعة بهذا التمويل لتطوير إمكاناتها وتحديث آلاتها، فتقدم خدمةً أفضل لهذا المصنع أو لغيره، ولا توجد لدينا معامل بحثية في معظم المصانع ولا يوجد حتى حل لمشاكلها الخاصة، في المقابل فإن إمكانات الجامعات ضعيفة والتمويل ضعيف، ويرى د. صفوت أن المنطقي هو وجود وسيط يرشح للمصنع الكلية التي تستطيع أن تخدمه، ويرشح للكلية المصنع الذي يستطيع أن يموِّلها، وهذا الوسيط مهمته الرئيسة قراءة المشروعات المختلفة في الكليات وإيصالها لجهات التنفيذ، والتعرف كذلك على احتياجات المصانع والشركات وشرحها للكليات.
ويؤكد د. أحمد صفوت أن كليات الهندسة تقوم حاليًا بعمل معارض سنوية في قاعة المؤتمرات الدولية لعرض المشاريع المؤهلة للتطبيق، كما تشكل لجنة لأول ثلاثة مشروعات تقدم لها جائزة رمزية، إلا أنه ربما لا يعلم الطلاب عن هذه المعارض ولا يتابعونها، وهؤلاء الطلبة لو ذهبوا وشاهدوا المشروعات المعروضة سيستفيدون منها وسيطوِّرون فيها ويستوحون أفكارًا منها.
كما أن هناك معارض داخل الكليات، ولكن لا يسلط عليها الضوء من الإعلام، ونأمل أن يسلط الإعلام الضوء على هذه المعارض، وأن يحاول القائمون عليها تسويقَها ودعوة الإعلام لتغطيتها، كما أن المؤتمرات العالمية التي تقام في مصر يمكن أن تُستغل بأن تُعقد على هامشها ندوةٌ في المصانع ومخاطبة القائمين على الإنتاج، ونعرض عليهم ما تستطيع الكليات أن تقدمه لهم.
منقول
هذا البحث قام بة احد الاشخاص
ولكننا نريد ان نناقش سويا متى سوف يصبح لمشاريع تخرج طلبة الهندسة اهتمام حقيقى
ارجو ابداء الاراء والمشاركة الفعالة
حيث ان الموضوع فعلا شائك جدا ويجب طرحة على اعلى الجهات حتى يهتموا بة
!!

- الطلاب: لا نجد مَن يموِّل مشروعاتنا وإمكانات الكليات ضعيفة
- المشرفون يكتفون بهذه النصيحة: الحقوا سجَّلوها في براءات الاختراع!!
- د. محمد مرسي: المشروع فرصة للتدريب والتأهيل والكليات مظلومة
كليات الهندسة من أهم معامل تفريخ المشروعات الناجحة، وقد تكون هذه الكليات في بعض الدول مطبخ المشروعات، إلا أنها في العالم العربي تحوَّلت من كليات لصناعة المشروعات إلى كليات تكتفي بأقل القليل.
ومن خلال رحلة في مكتبات هذه الكليات تستطيع أن تستخرج المئات بل الآلاف من مشروعات التخرج التي من الممكن أن تكون نواةً لمشروع أو اختراعٍ كبير، إلا أن غياب التمويل الجيد وعدم وجود رؤية واضحة لاستثمار هذه المشروعات التي يبذل فيها الطلاب كل جهدهم والبعض يرى أن هذا المشروع هو حلمه الذي يسعى لتحققه إلا أنه يرتطم بالحقيقة على أرض الواقع.
:
في البداية تقول إيمان فرج (قسم كيمياء): كان مشروع التخرج الذي قمنا به في الكلية عبارةً عن إعادة تصنيع للبلاستيك المستخدم أو المستعمل (نوع من أنواع إعادة التدوير) مع إضافة مواد أخرى وتحويلها لصبة خرسانة تصلح لاستخدامات مختلفة، وبذلنا جهدًا كبيرًا في هذا المشروع، وأنفقنا عليه مبلغًا كبيرًا، وبعد إعادة المحاولات بنسب إضافات مختلفة حصلنا على نتيجة جيدة، وأخضعناها لعدة اختبارات ناجحة، وكانت خلطةً اقتصاديةً من وجوه كثيرة، حتى إن الدكتور المشرف على المشروع نصحنا أن نسجِّل بها براءة اختراع، إلا أننا لم نسجلها لأننا انشغلنا بعد ذلك في الامتحانات، ثم التخرج والبحث عن عمل، وطبعًا لا أظن أن مشروعنا اهتم به أحد بعد تخرجنا وأعتقد أنه مركون على الرف منذ عشر سنوات.
وتعترف إيمان بتقصيرها وزملائها في الدفاع عن حق مشروعهم في التقدم وربما التحول إلى واقع، ولكنها تقول: إننا لم نجد توجيهًا من إدارة الكلية، وكانت أعمارنا صغيرةً ولم نعرف ماذا ينبغي علينا أن نفعلَ، كما أن الجهد الذي بذلناه في المشروع- سواءٌ البحث عن الخامات أو تأجير أدوات وخلافه- جعلنا غير راغبين في بذل الجهد في أي اتجاه آخر، ويكفينا تقدير جيد جدًّا الذي حصلنا عليه.
جهاز للموجات
أما جمال عبد الناصر (هندسة كهرباء قسم اتصالات) فقد حصل على نفس النصيحة التي حصلت عليها إيمان في مشروع تخرجها وهي: "حاولوا تسجلوا براءة اختراع" ثم.. ماذا؟!
يقول جمال: أغلب المشروعات في الكلية تقليدية جدًّا، فالمشروع الذي يقوم به الطلاب هذه السنة تم تنفيذه العام الماضي، وسيُعاد تنفيذه السنة القادمة، ولكن أنا وبعض الزملاء قررنا أن نقوم بعمل شيء مختلف، فاخترنا فكرة جهاز يحدد نوع الموجات ويعرضها على شاشة ضوئية ويتعرف على شكل هذه الموجة، وقررنا أن نصنع هذا الجهاز بأيدينا وبالإمكانات المتاحة لنا.
وعند عرض الفكرة على الدكتور المشرف على المشروع رفض بشدة، وأخبرنا أن المسألة مكلِّفة والكلية لن تدعمنا، فقلنا إننا سنتحمَّل كل النفقات، إلا أن المشرف أصرَّ على رفضه، فكان رده: إذا كنتم مصرِّين فتحملوا مسئولية المشروع وحدكم، وأنا لا علاقة لي به، واتضح بعد ذلك أن المشكلة والرفض سببهما أن المشروع كان بلغة بدأت منذ عام 1998م، بينما وجدت معلومات المشرف تقف عند الستينيات. بعد المداولات رشح لنا المشرف مشرفًا آخر من خارج الجامعة ليتعاون معنا ويساعدنا بصورة ودية في المادة العلمية، ويعمل بهذا الجهاز على خطوط الإنتاج الكبيرة وثمنه بالخارج لا يقل عن 50 ألف جنيه، بينما تكلَّفت النسخة التي صنعناها 6 آلاف جنيه، وكانت قابلةً للتطوير وخفض التكلفة لو صنعت بصورة كبيرة ولكن كيف لنا أن نحولها لحقيقة؟!
لم نعرف أين نذهب؟ ونعرضها على من؟ حتى الأساتذة في الكلية لم يستطيعوا مساعدتنا رغم تحمسهم للجهاز، وأقصى ما نصحونا به أن قالوا: اعرضوه على الإنترنت ربما يستجيب لكم أحد!! ويعود جمال ليؤكد بحزن بأن مادة المشروع لا تزال لدينا، ونرجو أن نحولها إلى حقيقة!!
لا ابتكار..
أما فاطمة غنيم (قسم مدني) فلهجتها يملأها الشعور بالإحباط، قالت: كلنا نعلم أن مشروعاتنا لا مستقبل لها، فهي مشروعات للنجاح والتخرج فقط، ولا مجال أن نفكر أنها قابلة للتحقيق أو من الممكن أن يستفيد منها الناس، فلا يوجد بالقسم على وجه التحديد ما يسمَّى بالابتكار، في سنة التخرج كان لنا زميلان والد أحدهما صاحب مكتب هندسة والآخر صاحب شركة إنشاءات، طبعًا المشروع الذي قدماه كان واضحًا جدًّا أنهما لم ينفذاه بأيديهما، والمشرف على الرسالة كان يَعرف جيدًا أن هذا ليس جهدَهما، وطبعًا كان المشروع محترفًا، بالنسبة لمشاريعنا كطلبة وبالتأكيد حصلنا على أعلى تقدير، وهذا أمرٌ محبط للغاية، لقد بذلنا جهدًا كبيرًا وأنفقنا مبالغَ كبيرةً وفي النهاية تفوقوا هم بالغش!!
مساعدات شخصية
ويشارك في نغمة الإحباط يوسف بدر (هندسة اتصالات) فيقول: لا نجد في الكلية مَن يشجِّعنا أو يرشدنا في أغلب الأحوال؛ حتى يصبح مشروع التخرج الذي نبذل فيه جهدًا ومالاً كبيرًا مشروعًا قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع، رغم أن كثيرًا من مشروعات التخرج تستحق أن تُعامَل على أنها اختراع أو بحثٌ ذو قيمة إلا أنني لم أسمع أن أحدًا تبنى أحد المشروعات أو تبنى الطلاب المتميزين في هذا المشروع، وكنا نتمنى أن تقوم الكلية قبل اختيار المشروع بتخصيص محاضرات لخبراء في التسويق والاقتصاد؛ بحيث يشرحون لنا المطلوب في السوق الفترة القادمة، والجدوى الاقتصادية من المشروعات التي نحن مقبلون على تنفيذها، فنضع في اعتبارنا عند اختيار المشروع البعد الاقتصادي واحتياطات السوق، ولكن مع الأسف هذا لا يحدث.. لقد شاهدت زملاء لي صنعوا في مشاريعهم أفكارًا ممتازة، مثل معالج كمبيوتر (بروسيسور) محلِّي الصنع أو بطاقات التعريف الذكية (سمارت كارد) أو أجهزة أمن وغيرها.
وبعض الطلبة كان يتمنَّى أن يجد مصنعًا يتبنَّى اختراعه، ولكن لم نجد مَن يرشدنا إلى من نذهب، وهناك من ذهب لشركة على أمل أن يبيع فكرته فوجد الشركة راغبةً في شراء الفكرة ولكن بأقل مما كلفته بالفعل وينسبونها لأنفسهم وغير راغبين في تعيين هذا المهندس لديهم، هذا بالإضافة للمعوقات العملية، فبعض الطلبة كانوا يعملون على تحديث ماكينة معينة، وحاولوا الحصول على إذْن أحد المصانع العاملة في المجال حتى يأذنوا لهم أن يشاهدوا الماكينات الموجودة لديهم ليدرسوا عليها ويُنهوا مشروعهم، إلا أن المصانع كلها رفضت استقبالهم، إما لأنهم اعتبروا هذا مضيعةً للوقت، وإما خوفًا على أجهزتهم وإما لأسباب أخرى لا نعلمها.
وينهي يوسف كلامه بالتأكيد أن مشروع التخرج أهم ما فيه الحصول على التقدير والتخرج!!
التطبيق صعب
على الجانب الآخر يرى د. محمد مرسي- الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الزقازيق - أن الدراسة في الهندسة تنقسم إلى ثلاث مراحل:
الأولى: لمدة عام ونصف العام، وهو مخصص لدراسة المقررات العلمية الأساسية.
الثانية: لمدة عام ونصف العام للمقررات الهندسية الأساسية.
الثالثة: لمدة عامين لدراسة للمقررات الهندسة التطبيقية.
ويرى أن المشروع حقل تدريبي وتعليمي ومعرفة كيفية التعامل مع مشكلة موجودة، بحيث يصبح المهندس قادرًا على حل المشكلات، فالمشروع هو مادة تعليمية وقابليتها للتطبيق تُعتبر صعبةً، وحتى يتحول المشروع إلى واقع يرى د. مرسي أنه لا بد أن يتخذ الباحث عدة خطوات وكلها مكلِّفة منذ بدء الفكرة العلمية ثم وضع التصور، وبعد ذلك تجارب معملية تعطي نتائج مبدئية.. هل الفكرة صالحة في الصناعة أم لا؟ ثم تجارب صناعية تشير إلى إن كان لها قيمة في المجتمع أم لا؟! ثم عينات تجريبية فإذا نجحت أستطيع أن أعمل على مستوى أكبر، وهذه الخطوات لا تستطيع الكليات القيام بها، بينما يختلف الوضع مع نقابة المهندسين؛ حيث توجد بها شعبةٌ للتطوير، وشعبة مهندسي المستقبل، وهي شعب تسعى للتقريب بين الكليات كجهات تعليمية وجهات التنفيذ، أو لتبني المواهب والمتميزين.
الجامعة والحياة
أما د. أحمد صفوت- رئيس قسم هندسة كهربية بجامعة الأزهر- فيرى أن كل أستاذ يتبنَّى مشروعًا وله وجهة نظر، فبعض الأساتذة أكاديميون ويسعَون من خلال المشروعات لتطوير الطلاب من الناحية البحثية وتدريبهم، والبعض الآخر اهتماماته عملية أكثر، فيحاول أن يربط بين الجامعة والمصانع والمؤسسات الإنتاجية.
ويقول د. صفوت: إن الربط بين الجامعة والحياة العملية لا يحدث بسبب التمويل والنواحي المادية، ومن المفترض أن يكون لكل جامعة ورشةُ عمل أو مركزُ بحثي، كما أن خط السير في الخارج يختلف، فالمشروع يبدأ من المصنع؛ حيث تطلب المصانع من الجامعات أن تقوم بعمل أبحاث لصالح هذا المصنع، على أن يقوم المصنع بتمويل هذه الأبحاث، وتستعين الجامعة بهذا التمويل لتطوير إمكاناتها وتحديث آلاتها، فتقدم خدمةً أفضل لهذا المصنع أو لغيره، ولا توجد لدينا معامل بحثية في معظم المصانع ولا يوجد حتى حل لمشاكلها الخاصة، في المقابل فإن إمكانات الجامعات ضعيفة والتمويل ضعيف، ويرى د. صفوت أن المنطقي هو وجود وسيط يرشح للمصنع الكلية التي تستطيع أن تخدمه، ويرشح للكلية المصنع الذي يستطيع أن يموِّلها، وهذا الوسيط مهمته الرئيسة قراءة المشروعات المختلفة في الكليات وإيصالها لجهات التنفيذ، والتعرف كذلك على احتياجات المصانع والشركات وشرحها للكليات.
ويؤكد د. أحمد صفوت أن كليات الهندسة تقوم حاليًا بعمل معارض سنوية في قاعة المؤتمرات الدولية لعرض المشاريع المؤهلة للتطبيق، كما تشكل لجنة لأول ثلاثة مشروعات تقدم لها جائزة رمزية، إلا أنه ربما لا يعلم الطلاب عن هذه المعارض ولا يتابعونها، وهؤلاء الطلبة لو ذهبوا وشاهدوا المشروعات المعروضة سيستفيدون منها وسيطوِّرون فيها ويستوحون أفكارًا منها.
كما أن هناك معارض داخل الكليات، ولكن لا يسلط عليها الضوء من الإعلام، ونأمل أن يسلط الإعلام الضوء على هذه المعارض، وأن يحاول القائمون عليها تسويقَها ودعوة الإعلام لتغطيتها، كما أن المؤتمرات العالمية التي تقام في مصر يمكن أن تُستغل بأن تُعقد على هامشها ندوةٌ في المصانع ومخاطبة القائمين على الإنتاج، ونعرض عليهم ما تستطيع الكليات أن تقدمه لهم.
منقول
هذا البحث قام بة احد الاشخاص
ولكننا نريد ان نناقش سويا متى سوف يصبح لمشاريع تخرج طلبة الهندسة اهتمام حقيقى
ارجو ابداء الاراء والمشاركة الفعالة
حيث ان الموضوع فعلا شائك جدا ويجب طرحة على اعلى الجهات حتى يهتموا بة
التعديل الأخير بواسطة المشرف: