كل عام وأنتم بجميعاً بخير ، أدعو الله العلي القدير أن يحفظ أمتنا ويعز الإسلام والمسلمين
وبمناسبة حلول يوم عرفة موافقاً ليوم جمعة أحببت أن أعرض ما ورد في ذلك عن ابن القيم رحمه الله منقولاً والله أسأل أن ينفع به وأن يتقبل منا حجنا وصيامنا ويغفر لجميع المسلمين والمسلمات، وأعتذر عن طول المقال.
وبمناسبة حلول يوم عرفة موافقاً ليوم جمعة أحببت أن أعرض ما ورد في ذلك عن ابن القيم رحمه الله منقولاً والله أسأل أن ينفع به وأن يتقبل منا حجنا وصيامنا ويغفر لجميع المسلمين والمسلمات، وأعتذر عن طول المقال.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام إلى خير المرسلين وبعد
فإنه قد وافق الوقوف بعرفة هذا العام يوم الجمعة ، فأحببت نقل كلام ابن القيم في هذا الموضوع ، خاصة لمن حج هذا العام.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
أنَّ يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ، ويوم عرفة ويوم النحر أفضل أيام العام ، وكذلك ليلة القدر وليلة الجمعة ، ولهذا كان لوقفة الجمعة يوم عرفة مزية على سائر الأيام من وجوه متعددة :
أحدها : اجتماع اليومين اللذين هما أفضل الأيام .
الثاني : أنه اليوم الذي فيه ساعةٌ محققة الإجابة ، وأكثر الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر وأهل الموقف كلهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع .
الثالث : موافقته ليوم وقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الرابع : أنَّ فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة يوم عرفة بعرفة فيحصل من اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصل في يوم سواه .
الخامس : أنَّ يومَ الجمعة يومُ عيدٍ ويومَ عرفة يومُ عيدٍ لأهل عرفة ولذلك كره لمن بعرفة صومه وفي النسائي عن أبي هريرة قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة" وفي إسناده نظر فإن مهدي بن حرب العبدي ليس بمعروف ومداره عليه ، ولكن ثبت في الصحيح من حديث أم الفضل "أنَّ ناساً تمارَوْا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبَنٍ وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه".
وقد اختلف في حكمة استحباب فطر يوم عرفة بعرفة ، فقالت طائفة : ليتقوى على الدعاء ، وهذا هو قول الخرقي وغيره ، وقال غيرهم - منهم شيخ الإسلام ابن تيمية -:الحكمة فيه أنَّه عيدٌ لأهل عرفة فلا يستحب صومه لهم ، قال : والدليل عليه الحديث الذي في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "يوم عرفة ويوم النحر وأيام مِنى عيدنا أهل الإسلام" ، قال شيخنا : وإنما يكون يوم عرفة عيداً في حق أهل عرفة لاجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر فكان هو العيد في حقهم .
والمقصود أنه إذا اتفق يوم عرفة ويوم جمعة فقد اتفق عيدان معاً .
السادس : أنَّه موافقٌ ليوم إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم كما ثبت في صحيح البخاري عن طارق بن شهاب قال "جاء يهوديٌّ إلى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين آية تقرؤونها في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيداً قال : أي آية ؟ قال : {اليوم أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} [المائدة / 3]فقال عمر بن الخطاب : إني لأعلم اليوم الذي نزلتْ فيه والمكان الذي نزلتْ فيه ، نزلتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة يوم جمعة ونحن واقفون معه بعرفة" .
السابع : أنَّه موافقٌ ليوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة فإن القيامة تقوم يوم الجمعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه" ولهذا شرع الله سبحانه وتعالى لعباده يوماً يجتمعون فيه فيذكرون المبدأ والمعاد والجنة والنار وادخر الله تعالى لهذه الأمة يوم الجمعة إذ فيه كان المبدأ وفيه المعاد ولهذا كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في فجره سورتي السجدة و{هل أتى على الإنسان} لاشتمالهما على ما كان وما يكون في هذا اليوم من خلق آدم وذكر المبدء والمعاد ودخول الجنة والنار ، فكان يذكر الأمة في هذا اليوم بما كان فيه وما يكون ، فهكذا يتذكر الإنسان بأعظم مواقف الدنيا وهو يوم عرفة الموقف الأعظم بين يدي الرب سبحانه في هذا اليوم بعينه ، ولا يتنصف حتى يستقر أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم .
الثامن : أنَّ الطاعة الواقعة مِن المسلمين يوم الجمعة وليلة الجمعة أكثر منها في سائر الأيام ، حتى إن أكثر أهل الفجور يحترمون يوم الجمعة وليلته ، ويروْن أن من تجرأ فيه على معاصي الله عز وجل عجَّل الله عقوبته ولم يمهله ، وهذا أمرٌ قد استقرَّ عندهم وعلموه بالتجارب وذلك لعظم اليوم وشرفه عند الله واختيار الله سبحانه له مِن بين سائر الأيام ولا ريب أن للوقفة فيه مزية على غيره .
التاسع : أنَّه موافقٌ ليوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة في وادٍ أفيح وينصب لهم منابر مِن لؤلؤٍ ومنابرَ مِن ذهبٍ ومنابرَ مِن زبرجد وياقوت على كثبان المسك فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى ويتجلى لهم فيرونه عِياناً(1) ويكون أسرعهم موافاة أعجلهم رواحاً إلى المسجد وأقربهم منه أقربهم من الإمام ، فأهل الجنة مشتاقون إلى يوم المزيد فيها لما ينالون فيه من الكرامة ، وهو يوم جمعة ، فإذا وافق يوم عرفة كان له زيادة مزية واختصاص وفضل ليس لغيره .
العاشر : أنه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة مِن أهل الموقف ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء أشهدكم أني قد غفرتُ لهم وتحصل مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعة الإجابة التي لا يرد فيها سائلاً يسأل خيراً فيقربون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة ويقرب منهم تعالى نوعين من القرب ، أحدهما : قرب الإجابة المحققة في تلك الساعة ، والثاني : قربه الخاص مِن أهل عرفة ومباهاته بهم ملائكته فتستشعر قلوب أهل الإيمان هذه الأمور فتزداد قوة إلى قوتها وفرحاً وسروراً وابتهاجاً ورجاءً لفضل ربها وكرمه.
فبهذه الوجوه وغيرها فضلت وقفة يوم الجمعة على غيرها .
وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل اثنتين وسبعين حجة فباطلٌ لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ مِن الصحابة والتابعين والله أعلم . أ.هـ "زاد المعاد" (1/ 60 - 65) .
________________________________________________________________
(1) الحديث لا يصح . انظر تخريجه في الكتاب.
نقل عن الأخ إحسان العتيبي جزاه الله خيراً وأدام مجرى حسناته وإيانا معه "من موقع ساحات عام 1999"فإنه قد وافق الوقوف بعرفة هذا العام يوم الجمعة ، فأحببت نقل كلام ابن القيم في هذا الموضوع ، خاصة لمن حج هذا العام.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
أنَّ يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ، ويوم عرفة ويوم النحر أفضل أيام العام ، وكذلك ليلة القدر وليلة الجمعة ، ولهذا كان لوقفة الجمعة يوم عرفة مزية على سائر الأيام من وجوه متعددة :
أحدها : اجتماع اليومين اللذين هما أفضل الأيام .
الثاني : أنه اليوم الذي فيه ساعةٌ محققة الإجابة ، وأكثر الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر وأهل الموقف كلهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع .
الثالث : موافقته ليوم وقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الرابع : أنَّ فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة يوم عرفة بعرفة فيحصل من اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصل في يوم سواه .
الخامس : أنَّ يومَ الجمعة يومُ عيدٍ ويومَ عرفة يومُ عيدٍ لأهل عرفة ولذلك كره لمن بعرفة صومه وفي النسائي عن أبي هريرة قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة" وفي إسناده نظر فإن مهدي بن حرب العبدي ليس بمعروف ومداره عليه ، ولكن ثبت في الصحيح من حديث أم الفضل "أنَّ ناساً تمارَوْا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبَنٍ وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه".
وقد اختلف في حكمة استحباب فطر يوم عرفة بعرفة ، فقالت طائفة : ليتقوى على الدعاء ، وهذا هو قول الخرقي وغيره ، وقال غيرهم - منهم شيخ الإسلام ابن تيمية -:الحكمة فيه أنَّه عيدٌ لأهل عرفة فلا يستحب صومه لهم ، قال : والدليل عليه الحديث الذي في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "يوم عرفة ويوم النحر وأيام مِنى عيدنا أهل الإسلام" ، قال شيخنا : وإنما يكون يوم عرفة عيداً في حق أهل عرفة لاجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر فكان هو العيد في حقهم .
والمقصود أنه إذا اتفق يوم عرفة ويوم جمعة فقد اتفق عيدان معاً .
السادس : أنَّه موافقٌ ليوم إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم كما ثبت في صحيح البخاري عن طارق بن شهاب قال "جاء يهوديٌّ إلى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين آية تقرؤونها في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيداً قال : أي آية ؟ قال : {اليوم أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} [المائدة / 3]فقال عمر بن الخطاب : إني لأعلم اليوم الذي نزلتْ فيه والمكان الذي نزلتْ فيه ، نزلتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة يوم جمعة ونحن واقفون معه بعرفة" .
السابع : أنَّه موافقٌ ليوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة فإن القيامة تقوم يوم الجمعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه" ولهذا شرع الله سبحانه وتعالى لعباده يوماً يجتمعون فيه فيذكرون المبدأ والمعاد والجنة والنار وادخر الله تعالى لهذه الأمة يوم الجمعة إذ فيه كان المبدأ وفيه المعاد ولهذا كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في فجره سورتي السجدة و{هل أتى على الإنسان} لاشتمالهما على ما كان وما يكون في هذا اليوم من خلق آدم وذكر المبدء والمعاد ودخول الجنة والنار ، فكان يذكر الأمة في هذا اليوم بما كان فيه وما يكون ، فهكذا يتذكر الإنسان بأعظم مواقف الدنيا وهو يوم عرفة الموقف الأعظم بين يدي الرب سبحانه في هذا اليوم بعينه ، ولا يتنصف حتى يستقر أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم .
الثامن : أنَّ الطاعة الواقعة مِن المسلمين يوم الجمعة وليلة الجمعة أكثر منها في سائر الأيام ، حتى إن أكثر أهل الفجور يحترمون يوم الجمعة وليلته ، ويروْن أن من تجرأ فيه على معاصي الله عز وجل عجَّل الله عقوبته ولم يمهله ، وهذا أمرٌ قد استقرَّ عندهم وعلموه بالتجارب وذلك لعظم اليوم وشرفه عند الله واختيار الله سبحانه له مِن بين سائر الأيام ولا ريب أن للوقفة فيه مزية على غيره .
التاسع : أنَّه موافقٌ ليوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة في وادٍ أفيح وينصب لهم منابر مِن لؤلؤٍ ومنابرَ مِن ذهبٍ ومنابرَ مِن زبرجد وياقوت على كثبان المسك فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى ويتجلى لهم فيرونه عِياناً(1) ويكون أسرعهم موافاة أعجلهم رواحاً إلى المسجد وأقربهم منه أقربهم من الإمام ، فأهل الجنة مشتاقون إلى يوم المزيد فيها لما ينالون فيه من الكرامة ، وهو يوم جمعة ، فإذا وافق يوم عرفة كان له زيادة مزية واختصاص وفضل ليس لغيره .
العاشر : أنه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة مِن أهل الموقف ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء أشهدكم أني قد غفرتُ لهم وتحصل مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعة الإجابة التي لا يرد فيها سائلاً يسأل خيراً فيقربون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة ويقرب منهم تعالى نوعين من القرب ، أحدهما : قرب الإجابة المحققة في تلك الساعة ، والثاني : قربه الخاص مِن أهل عرفة ومباهاته بهم ملائكته فتستشعر قلوب أهل الإيمان هذه الأمور فتزداد قوة إلى قوتها وفرحاً وسروراً وابتهاجاً ورجاءً لفضل ربها وكرمه.
فبهذه الوجوه وغيرها فضلت وقفة يوم الجمعة على غيرها .
وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل اثنتين وسبعين حجة فباطلٌ لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ مِن الصحابة والتابعين والله أعلم . أ.هـ "زاد المعاد" (1/ 60 - 65) .
________________________________________________________________
(1) الحديث لا يصح . انظر تخريجه في الكتاب.