أما النوع الثانى
: فمنه إيراده ما ذكره نستراداموس فى إحدى رباعياته (فى عام القرن الجديد والشهر التاسع (سبتمبر 2001 ) من السماء سيأتى ملك الموت العظيم ، ستشتعل السماء فى درجة خمسة وأربعين ، وتقترب النيران من المدينة العظيمة وهى مدينة يورك ...) .
فمتى كان المسلمون يستشهدون بكلام الكهنة والمشعوذين مما تأتيهم به الشياطين، وقد قال صلى الله عليه وسلم عنهم
: إنهم ليسوا بشئ، كما روى: ( عن عائشة رضى الله عنها سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس عن الكهان فقال ليس بشئ فقالوا يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانا بشئ فيكون حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الكلمة من الحق يخطفها الجنى فيقرها فى أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة )، وما أدرانا أن مع خبر هذا الكاهن مائة كذبة، هذا إن كان هذا الكاهن اليهودى، قد ذكر ما نقله مؤلف كتاب هرمجدون، ولم ينسبه بعض الدجالين المعاصرين إليه، طمعا فى الربح المادى من وراء نشر كتب الغرائب والعجائب !
أما النوع الثالث
:
فمن ذلك إنزاله حديث
( كنا قعودا عند النبى صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن، فأكثر من ذكرها حتى ذكر فتنة السراء، دخنها من تحت قدمى رجل من أهل بيتى، يزعم أنه منى، وليس منى .. الحديث ) وهو حديث صحيح رواه أبو داود وأحمد والحاكم وصححه .
إنزاله هذا الحديث على أن فتنه السراء هى فتنة غزو صدام للكويت، وجزمه بذلك وترجيحه أن أمير الكويت هو المقصود بقوله
(دخنها تحت قدمى رجل من أهل بيتى) ص 20 الحاشية.
ومعلوم أن الحديث ذكر أن فتنة السراء، دخنها من تحت قدمى رجل من أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وأن أسرة الصباح التى تحكم الكويت، ليست من أهل البيت، ولاهم يدعون ذلك، ولا أنهم من قريش أيضا، فإنزال الحديث على غزو صدام للكويت فيه تعسف واضح
.
وتتميما للفائدة تذكر ما قاله العلماء فى بيان معانى هذا الحديث
:
روى أبو داود من حديث عبد الله بن عمر قال
:
كنا قعودا عند رسول الله فذكر الفتن فأكثر فى ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل يا رسول الله وما فتنة الأحلاس قال هى هرب وحرب ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمى رجل من أهل بيتى يزعم أنه منى وليس منى وأنما أوليائى المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة فإذا قيل انقضت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسى كافرا حتى يصير الناس الى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده
.
فتنه الأحلاس
: قال فى النهاية : الأحلاس جمع حلس وهو الكساء الذى يلى ظهر البعير تحت القتب، شبهها به للزومها ودوامها، انتهى ، وقال الخطابى : إنما أضيفت الفتنة الى الأحلاس لدوامها وطول لبثها أو لسواد لونها وظلمتها . قال القاري: والمراد بالسراء النعماء التى تسر الناس من الصحة، والرخاء، والعافية من البلاء والوباء ، وأضيفت إلى السراء ، لأن السبب فى وقوعها ارتكب المعاصى بسبب كثرة التنعم أو لأنها تسر العدو انتهى.
دخنها
: يعنى ظهورها ، وإثارتها ، شبهها بالدخان المرتفع ، والدخن بالتحريك مصدر دخنت النار تدخن إذا ألقى عليها حطب رطب ، فكثر دخانها ، وقيل أصل الدخن أن يكون فى لون الدابة كدورة إلى سواد قاله فى النهاية . ( من تحت قدمى رجل من أهل بيتى ) : تنبيها على أنه هو الذى يسعى فى إثارتها أو إلى أنه يملك أمرها.
ثم يصطلح الناس على رجل
: أى يجتمعون على بيعة رجل
(
كورك): بفتح وكسر قاله القارى
(
على ضلع) : بكسر ففتح ، ويسكن ، واحد الضلوع أو الأضلاع قاله القارى ، قال الخطابى: هو مثل ومعناه الأمر الذى لا يثبت ولا يستقيم وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ، وبالجملة يريد أن هذا الرجل غير خليق للملك ولا مستقل به انتهى . وفى النهاية : أى يصطلحون على أمر واه لا نظام له ، ولا استقامة لأن الورك لا يستقيم على الضلع، ولا يتركب عليه، لاختلاف ما بينهما وبعده ، والورك ما فوق الفخذ انتهى .
وقال القارى
: هذا مثل والمراد أنه لا يكون على ثبات، لأن الورك لثقله لا يثبت على الضلع لدقته، والمعنى أنه يكون غير أهل للولاية لقلة عمله وخفة رأيه انتهى .
ثم فتنة
( الدهيماء ) : وهى بضم ففتح ، والدهماء السوداء ، والتصغير للذم أى الفتنة العظماء، والطامة العمياء . قاله القارى .
وفى النهاية
: تصغير الدهماء ، الفتنة المظلمة ، والتصغير فيها للتعظيم ، وقيل أراد بالدهيماء الداهية ، ومن أسمائها الدهيم ، زعموا أن الدهيم اسم ناقة كان غزا عليها سبعة إخوة فقتلوا عن آخرهم، وحملوا عليها حتى رجعت بهم فصارت مثلا فى كل داهية .
( لا تدع ) : أى لا تترك تلك الفتنة .
( إلا لطمته لطمه ) : أى أصابته بمحنة ومسته ببلية ، وأصل اللطم هو الضرب على الوجه ببطن الكف ، والمراد أن أثر تلك الفتنه يعم الناس ويصل لكل أحد من ضررها.
( فإذا قيل انقضت ): أى فمهما توهموا أن تلك الفتنة انتهت.
( تمادت ) : بتخفيف الدال أى بلغت المدى أى الغاية من التمادى وبتشديد الدال من التمادد تفاعل من المد أى استطالت واستمرت واستقرت قاله القارىء.
هذا ما ذكره أهل العلم فى معانى الحديث ، وما علمت أدب العلماء مع حديث النبى صلى الله عليه وسلم إلا أنهم لا يفسرونه على واقع ليس لهم عليه برهان واضح، فيظنون فيه ظنا ولاهم بمستيقنين ، بل يكلون علم ذلك الى الله تعالى قائلين
: سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا .
فمن ذلك استدلاله بحديث
( سيكون من بنى أمية رجل أخنس بمصر يلى سلطانا يغلب على سلطانه أو ينزع منه فيفر الى الروم فيأتى بالروم إلى أهل الإسلام فذلك أول الملاحم ) وهو حديث ضعيف، وبين ضعفه العلامة الألبانى فى تحقيقه للجامع الصغير 3306 .
استدلاله به على أن المقصود به أمير الكويت، مع أن المقصود بمصر، مصر نفسها، ولهذا فقد ورد الحديث بلفظ ( فيفر إلى الروم فيأتى بهم إلى الإسكندرية ) مع أنه ضعيف أيضا، ولكن المؤلف لم يذكر هذه اللفظة، ثم إن أمير الكويت من أسرة الصباح، وهى ليست من بنى أمية، ولا من قريش أصلا، لا هم يدعون ذلك، ولا أهل الأنساب ينسبونهم الى بنى أمية، فإنزال هذا الحديث الضعيف على الكويت، فيه تكلف وتعسف ظاهر.